و قد صدق من قال
ما أجـمـلَ الضـادَ تـبـيـانا وأعـذبهَـا *** جرسا وأفـسـحـَها للعـلـمِ مـيـدانـا
توبوا إلى الضاد واجنوا من أزاهرِها *** واستـروحــوا صـورا منها وألــوانـا
فاء التزيين
قال تعالى : (( أ ( فـ )لا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير اللـه لوجدوا فيه اختلافا
كثيرا )) ؟ من سورة النساء : 4 / الآية 82
قال تعالى : (( أ ( فـ ) حسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون )) ؟ من سورة المؤمنون :23 / الآية 115
قال تعالى : (( أ ( فـ ) لم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين )) من سورة المؤمنون : 23 / الآية 68
قال تعالى : (( ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أ ( فـ )لا يشكرون )) ؟ من سورة ياسين : 36 / الآية 35
قال تعالى : (( ولهم فيها منافع ومشارب أ ( فـ ) لا يشكرون )) ؟ من سورة ياسين : 36 / الآية 73
قال تعالى : (( أ ( فـ ) لا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )) ؟ من سورة محمد : 47 / الآية 82
فاء التزيين : حرف يؤتى به في موضع غير معينة لتزيين ( تحميل الكلام ) ؛ ليكو هذا الحرف رابط بين الشدة وطلب أمر ما ، وفي القرآن الكريم جاء مع أربعة أفعال ؛ هي : ( يشكرون ) ، و : ( يتدبرون ) ، و : ( يعقلون ) ، و : ( حسبتم ) ، ولو لحظنا جيدا لوجدنا أن هذه الأفعال فيها دعوة حتمية من اللـه تعالى إلى مخلوقيه لالتزام جوانب الشكر والتدبر والتعقل والتحسب ( وهي أمور منبتها العقل ) ، وقد اختلف النحويون في إعراب هذا الحرف ، وهم في ذلك على ثلاثة آراء :
( 1 ) : منهم من أعربه حرف عطف.
( 2 ) : ومنهم من أعربه حرف استئناف .
( 3 ) : ومنهم من أعربه حرف زيادة بغير توكيد.
والصواب ـ واللـه أعلم ـ أنه حرف تزيين ، وهذا الإعراب بلاغي وليس نحويا ؛ لأن النحو ابن البلاغة ، ولذلك يقال في البلاغة النحو العالي .
قد يتساءل القرأة الكرام لهذا الموضوع : لماذا ؟
أجيب ؛ لبطلان الإعرابات الثلاثة بالأدلة المبينة في أدناه
( 1 ) : لا يكون حرف عطف ؛ لأن العطف يقتضي أمور ؛ هي
أ / التشريك في الحكم الإعرابي
ب / ووجود جملتين متكافئتين
ج / وأن اللـه لم يرد منهم : ( الشكر ) ، و : ( التدبر ) ، و : ( التعقل ) ، و : ( التحسب ) بعد ذكر النص ، وإنما صيغة النصوص تشير إلى أنهم لم يشكرا ، ولم يتدبروا ، ولم يتعقلوا ، ولم يتحسبوا في الماضي وإن كانت صيغة الأفعال مضارعة. فأين هذا ؟
( 2 ) : * لا يكون حرف استئناف ؛ لأن الاستئناف يقتضي انتهاء معنى الجملة الأولى تماما ، ثم البدء بجملة جديدة ، والجملة الأولى في النصوص الكريمة كلها لم ينته معناها.
( 3 ) : * لا يكون حرفا زائدا ؛ لأن النحويين اتفقوا على أنه لا يجوز أن تكون هناك زيادة في الكلام بلا أن يكون معها غرض التوكيد ، والمواضع التي وردت في القرآن الكريم كانت الزيادة لإفادة التوكيد ، وهنا لا موجب لعده حرفا زائدا لعدم حاجة الموضع إلى هذا ، فليس في ما قيل أي احتمالية للشك ها هنا. لذا فإن الفاء ها هنا حرف يفيد تزيين الكلام ـ واللـه أعلم ـ
كلام الإمام الطبري:
القول في تأويل قوله تعالى : " أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ "
قال أبوجعفر: اختلف أهل العربية في حكم"الواو" التي في قوله: "أو كلما عاهدوا عهدا ". فقال بعض نحويي البصريين: هي"واو" تجعل مع حروف الاستفهام، وهي مثل"الفاء" في قوله:" أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ " البقرة: 87، قال: وهما زائدتان في هذا الوجه،
وهي مثل"الفاء" التي في قوله: فالله لتصنعن كذا وكذا، وكقولك للرجل:"أفلا تقوم"؟ وإن شئت جعلت"الفاء" و"الواو" هاهنا حرف عطف.
وقال بعض نحويي الكوفيين: هي حرف عطف أدخل عليها حرف الاستفهام.
والصواب في ذلك عندي من القولة أنها"واو" عطف، أدخلت عليها"ألف" الاستفهام، كأنه قال جل ثناؤه: "وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور، خذوا ما أتيناكم بقوة واسمعوا قالوا: سمعنا وعصينا "، و كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم. ثم أدخل"ألف" الاستفهام على"وكلما" فقال: "قالوا سمعنا وعصينا، أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم.
وقد بينا فيما مضى أنه غير جائز أن يكون في كتاب الله حرف لا معنى له، فأغنى ذلك عن إعادة البيان على فساد قول من زعم أن"الواو" و"الفاء" من قوله: "أو كلما" و"أفكلما" زائدتان لا معنى لهما.
" أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ " بحذف أحد التاءين من تتذكرون . وقرأ طلحة بن مصرف تذكرون بسكون الذال وضم الكاف من ذكر . والفاء للعطف على مقدر أي تلاحظون ذلك فلا تتذكرون بطلانه فإنه مركوز في عقل كل ذكي وغبي .
تفسير الألوسي 17/253
" أَفَلاَ تَعْقِلُونَ " عطف إما على " أَتُحَدّثُونَهُم " والفاء لإفادة ترتب عدم عقلهم على تحديثهم ، وإما على مقدر أي ألا تتأملون فلا تعقلون ، والجملة مؤكدة لإنكار التحديث ، وهو من تمام/ كلام اللائمين ، ومفعوله إما ما ذكر أولاً ، أو لا : مفعول له وهو أبلغ
تفسير الألوسي 1/376
" أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ " وأصل التدبر التأمل في أدبار الأمور وعواقبها ثم استعمل في كل تأمل سواء كان نظراً في حقيقة الشيء وأجزائه أو سوابقه وأسبابه أو لواحقه وأعقابه ، والفاء للعطف على مقدر أي أيشكون في أن ما ذكر شهادة الله تعالى فلا يتدبرون القرآن الذي جاء به هذا النبي صلى الله عليه وسلم المشهود له ليعلموا كونه من عند الله فيكون حجة وأي حجة على المقصود
تفسير الألوسي 4/150
فاء تحسـين اللفظ
هي الفاء الداخلة على
1 ـ " حسب " ـ قرأت كتابا فحسب .
ف : حرف زائد لتحسين اللفظ مبني على الفتح الظاهر
لامحل له من الإعراب .
2 ـ " قط " ـ تصدقت بجنيه فقط .
أ - الفاء الفصيحة
الفاء الفصيحة : هي الفاء التي تبين وتفصح عن : 1 – محذوف وتدل علي ما نشأ عنه ؛ مثل [ وإذ استسقي موسي لقومه ، فقلنا : اضرب بعصاك الحجر ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ] فَـ " قبل انفجرت " :الفاء الفصيحة حرف عطف مبني علي الفتح الظاهر لا محل له من الإعراب ، وتقدير الكلام ( ... فقلنا اضرب بعصاك الحجر " فضربه " فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ) 0 ب – جواب شرط محذوف ؛ مثل [ فذلكن الذى لمتننى فيه ] فَـ " قبل ذلكن " : الفاء الفصيحة حرف عطف مبنى على الفتح الظاهر لا محل له من الإعراب ، و تقدير الكلام ( إن كنتن لا تدرين فذلكن الذى لمتننى فيه ) 0
ب – فاء تحسين اللفظ
فاء تحسـين اللفظ : هـى الفــاء الداخلة على : 1 – ( حسب ) ؛ مثــــل
[ قرأت كتاباِ فحسب ] فَـ : حرف زائد لتحسين اللفظ مبني علي الفتح الظاهر لا محل له من الإعراب 0 2 – ( قط ) ؛ مثل [ تصدقت بجنيه فقط ] فَـ : سبقت 0
ج –الفاء السببية غير الناصبة
؛ مثل [ إنا أعطيناك الكوثر 0 فصل لربك وانحر ] فَـ : حرف سببي مبني علي الفتح الظاهر لا محل له من الإعراب ، ( وذلك لعدم إمكانية عطف جملة إنشائية علي خبرية )
فاء الاستئناف
________________________________________
يمثلون لها بقول الشاعر:
ألم تسأل الرَّبع القدَيم فينطـقُ...وهل تخبْرنك اليوم بيداءَ سملقُ
(من الطويل لجميل بثينة في ديوانه ص : 137 و شرح أبيات سيبويه: 2 / 201
)
أي فهو ينطق، لأنها لو كانت للعطف لجزم ما بعدها، ولو كانت للسببية لنصب ومثله: " فإنما يقول كن فيكون" (مريم 35) بالرفع أي فهو يكون
وقد أجاز النحاة في فاء السببية عندما يُنصب الفعل بعدها أن تكون للاستئناف ، قالسيبويه( الكتاب : 1/ 36 – 37)
حرف الفاء
«أنواع الفاء»
1 ـ فاء السببية إذا دخلت على المضارع وسبقت بنفي أو طلب نحو: اجتهد فتنجحَ.
2 ـ رابطة لجواب الشرط نحو: من يصبر فله أجر، وعلامة وذلك أن يكون الشرط مترتباً على الجواب وإلاّ فيكون الجواب محذوفاً ويقدر مناسباً للمقام نحو: وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك فإن التقدير وإن يكذبوك فاصبر أو فتأس فقد كذبت رسل من قبلك والفاء تعرب حرف تعليل والجملة تعليلية.
3 ـ حرف عطف إذا عطفت ما بعدها على ما قبلها.
4 ـ حرف تعليل بمعنى لأجل. ساعد الناس فهم إخوانك.
5 ـ زائدة لتحسين اللفظ إذا دخلت على حسب أو قط نحو: معي درهم فقط. ويعربان اسم فعل بمعنى يكفي.
6 ـ الفاء الفصيحة وهي التي تفصح على الشرط محذوف نحو: الكلام اسم وفعل وحرف فالاسم كذا فإن التقدير فإذا أردت أن تعرف الاسم فهو كذا. ولا فرق بين الفصحية و التفريعية.
تنبيه : فاء السببية هي التي يكون ما قبلها سبباً فيما بعدها نحو: اجتهد فتنجح،وفاء التعليل هي التي يكون ما بعدها علة لما قبلها وهي بمعنى اللام غالباً نحو: اخرج منها فإنك رجيم وهذه الفاء لا يعمل ما بعدها فيما قبلها بخلاف الواقعة في جواب أما نحو: فأما اليتيم فلا تقهر، وأما والفاء الواقعة بعد وبعد فلا جراء الطرف مجرى الشرط كما قال سيبويه. وقد تكون الفاء لمجرد السببية بدون عطف نحو: إنا أعطيناك الكوثر. فصلَّ إذ لا يعطف الإنشاء على الخبر ولا العكس وقد تكون الفاء للاستئناف نحو: كن فيكون بالرفع أي فهو يكون.
الفاء
تَرِد الفاء على ثلاثة وجوه:
¨ الوجه الأول: العاطفة. وتفيد [الترتيب مع التعقيب] نحو: [دخل خالدٌ فزهيرٌ]. فالترتيب: دخول خالدٍ أولاً؛ والتعقيب: دخول زهيرٍ عقب خالد بلا مهلة(1). وقد تفيد معهما [التسبيب]، وذلك أن يكون ما قبلها سبباً فيما بعدها نحو: ]فوكزه موسى فقضى عليه] (2) (القصص 28/15)
حُكْم: قد يكون قبل الفاء المفيدة للتسبيب نفيٌ أو طلب، فينتصب الفعل المضارع بعدها، نحو: [لا تُقَصِّرْ فتندَمَ]. وتُسمّى في هذه الحال: [فاء السببية](3).
¨ والوجه الثاني: الرابطة لجواب الشرط، نحو: ]إنْ تُعذّبْهم فإنّهم عبادُك] (4) (المائدة 5/118)
¨ والوجه الثالث: الزائدة، ويكون دخولها في العبارة كخروجها، نحو: [أنت فاكتمْ ما حدّثتك به = أنت اكتمْ ...]، ومن مواضع ذلك: دخولُها على خبر المبتدأ، إنْ كان المبتدأ مما يتضمن معنى الشرط، نحو: [الذي يأتي فله درهمٌ] و [كلّ صادقٍ فهو محترم].
تنبيه: قد تكون الفاء للاستئناف، وذلك إذا تمّ الكلام، وأُتِي بعد تمامه بكلام مستأنَف، قد يتّصل بالسابق من جهة الموضوع، ولكنْ لا صلةَ له به من الوجهة الإعرابية، نحو: [جعلوا لله شركاء، فتعالى الله].