لا بد مع قدوم الإجازة من تنظيم جدول علمي لك أنت يا طالب العلم..
فأنت لست كغيرك..
يسهر حتى الصباح على القيل و القال وأكل ما لذ وطاب..
بل همتك أسمى وقدرك أعلى..
والثواني قبل الدقائق هي رأس مالك..
فاحرص عليها يا رعاك الله..
ولأن دوما ما يعترض طالب العلم خلل في المنهجية في حفظ المتون وعدم تنظيم جدولها مما يسبب فتورا في الهمة وتراجعا عن الطلب وهي ما زالت في البداية..
قام الشيخ:د.خالد الباتلي-وفقه الله-..
برسم منهجية رائعة لطالب العلم تحفها وصايا وتوجيهات لمن في بداية الطلب..
العلم هو نور القلوب وشفاء الصدور والعالم بمنزلة البصير ،
قال الناظم/
النـاس في الأصـل أكـفاء أبوهـم آدم والأم حـواء
نفس كنفس وأرواح مشابهة وأعظم خلقت فيهم وأعضاء
فإن يكن لهم من أصلهم حسب يفاخرون به فالطـين والماء
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعش حيا به أبدا فالناس موتى وأهل العلم أحياء
ولما كان هذا المقصد الشريف تهوى إليه نفوس كثير من الأخيار لا سيما الشباب ،وكان كثير منهم يتساءل عن الطريق الأمثل لطلب العلم والمنهجية التي يسير عليها ،كانت هذه المحاضرة نبين فيها المنهجية المناسبة للسير في طلب العلم واللحاق بركب العلماء ،فنقول:
لا بد في طريق العلم من وجود منهج صحيح يسير على خطاه طالب العلم ،ولهذا المنهج مساران :
أولا:التزكية.
ثانيا:التحصيل .
المسار الأول/ التزكية:
وهو تهذيب النفس وإصلاحها بالأمور الباطنة والظاهرة،وهذا لا بد لطالب العلم منه لأن هذا من مقاصد الشريعة حيث قال سبحانه:
(يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة)،فالتزكية من المقاصد المعتبرة في الشريعة .
فلا بد لطالب العلم من التوازن بين أمرين ،وهما:العلم والعمل.
فلا يجحف بجانب العلم فيعمل بلا علم فيتشبه بالنصارى،أو يجحف بجانب العمل فيتعلم دون أن يعمل فيتشبه باليهود.
فلا بد لطالب العلم حينما يعزم على طلب العلم أن يبدأ بهذين المسارين(التزكية والتحصيل)على التوازي،لأنه لا يليق به أن يطلب العلم ونفسه ملوثة.
وتزكية النفس تكون بالأعمال الظاهرة والأعمال الباطنة،
الأعمال الباطنة:الاخلاص و تصحيح النية والمراقبة والخشية وتعظيم الله عزوجل والخوف والمحبة والرجاء والتوكل وغيرها من الأعمال القلبية.
قال ابن مسعود: (ليس العلم عن كثرة الحديث وإنما العلم الخشية)
الأعمال الظاهرة:الاجتهاد في الأعمال الصالحة وأن يكون طالب العلم له من كل خير نصيب ،فله حظ من القيام والضحى والصدقة والنوافل والصيام والأذكار وغيرها من أبواب الخير،فكل ما حثت عليه الشريعة من الأعمال الفاضلة والأخلاق الحسنة أولى من يتخلق بها طالب العلم.
ولا بد له من مراعاة التدرج في الطلب وحسن سياسة النفس وعدم الإكثار عليها حتى لا تمل,
قال الشعبي: ( كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به).
وقال البصري: ( كان الرجل منا إذا طلب الحديث لم يلبث أن يرى ذلك في سمته وصلاته وخشوعه ووقاره).
وقد قال السلف: ( هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل).
المسار الثاني:
التحصيل/والمقصود به هو المنهج العلمي الذي يسير عليه الطالب لتحصيل العلم،لأن أسباب التساقط وعدم الوصول ثلاثة:
1/خلل في النية.
2/خلل في المنهجية.
3/ضعف في الأهلية.
والثالث لا حيلة فيه، ولا يلزم الناس كلهم أن يتوجهوا لطلب العلم بل ولا يسوغ ذلك عقلا. وأما الأول(الخلل في النية)فلأن النية هي ركن العمل وأساسه،وإذا تخللها خلل أو دخن ،فإن العمل يعتريه من الخلل والدخن بقدر ما يعتري النية.
والبيت لا يبتنى إلا بأعمدة**ولا عماد إذا لم تبن أركان
فإذا كانت النية مصحوبة بشيء من اللوث على اختلاف أنواعه من :حب تصدر أو حب شهرة أو تسنم مجالس فإن هذا كفيل بأن يكون حاجزا منيعا في طريق صاحب تلك النية.
والنية يعتريها من اللبس ما يعتريها،لكن(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)،
قال سفيان الثوري-على جلالة قدره وورعه-(ما عالجت شيئا أشد علي من نيتي).
وأما الخلل في المنهجية فهو كثيرا ما يقع بين طلاب العلم،فكان لزاما أن نبين المنهجية الصحيحة لطالب العلم،وهي كالآتي:
قبل ذلك لا بد أن نقول:
العلم الشرعي ينقسم إلى مجموعتين:1-علوم مقاصد وأصول(التفسير-الحديث-العقيدة-الفقه)..
2-علوم آلة ووسائل(مصطلح الحديث-أصول الفقه-النحو-اللغة العربية-التجويد وعلوم القرآن وغيرها).
فائدة التقسيم:
حتى يفرق طالب العلم بين الأصل والآلة،فلا بد أن يكثف الجهود لا سيما في البداية في علوم المقاصد ويمنحها الوقت والجهد الأكبر،ومرد ذلك إلى الكتاب والسنة.
والجهل داء قاتل وشفاؤه** أمران في التركيب متفقان
نص من القرآن أو من سنة** وطبيب ذاك العالم الرباني
ولا بد قبل البدء من أربع نصائح تساعد على الاستمرار في السير في ركاب العلم:
1/ أن تكون لدى طالب العلم الهمة والجدية والاجتهاد،ولعل في قراءة بعض سير العلماء وما كان لديهم من العزم والهمة في الطلب معينا على شحذ الهمم والعزائم.
2/اغتنام الأوقات والحرص عليها،لأن من أراد أن يسير في هذا الطريق لا بد أن يوطن نفسه على اغتنام الوقت ويحرص على الثواني قبل الدقائق لأن الوقت هو رأس مال طالب العلم فلا يفرط به في مالا فائدة منه.
3/صاحب الطلب،والمقصود أن يختار طالب العلم صاحبا له من جنسه وأقرانه وفي مستواه يتصف بالجدية والحرص لأن هذا الصاحب يفيد كثيرا في أن يعين كل واحد منهما الآخر،وإذا فتر أحدهما حمسه الآخر،كما يشتركان في جلسات المذاكرة والقراءة والتسميع لأن الانسان ضعيف بنفسه.
4/أن يلهج بالدعاء والضراعة على الله بالتوفيق ،لأن الأمور مردها إلى توفيق الله عزوجل..
إذا لم يكن عون من الله للفتى***فأول ما يجني عليه اجتهاده..
السؤال::
كيف يبدأ طالب العلم،وبماذا؟
*القرآن الكريم/
لا بد لطالب العلم من الاجتهاد في حفظ القرآن ،لأن حفظه لا بد منه للحاجة إليه بالاستدلال،قال أحد السلف: ( إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله كيف يعلم قراءته)،وقد كان العلماء-رحمهم الله- يعيبون طالب العلم يبدأ الطلب ولم يحفظ كتاب الله،لأن حفظه مفتاح لطريق الفهم والحفظ،ومن الوسائل المعينة على حفظه*:
1-دعاء الله بصدق وإخلاص الإعانة على الحفظ.
2-أن يرتب للحفظ وقتا يوميا –ان استطاع-يتفرغ فيه تفرغا كليا للحفظ.
3-الحرص على تسميع القدر المحفوظ.
4-أن تكون مراجعته للمحفوظ في أوقات مرتبة ،وأن يحاول جاهدا عدم الإخلال بها.
5-أن تكون النسخة أو الطبعة التي يحفظ عليها واحدة،ليزداد حفظه رسوخا في ذهنه،وينصح بنسخة:مجمع الملك فهد،لأنه أينما توجه طالب العلم وجدها.
6-أن يردد ما يحفظ عشرات المرات قائما وقاعدا وماشيا ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
7-أن تكون قراءته في صلاته من حفظه الجديد ،فذلك أدعى لرسوخ الحفظ.
8-أن يحرص على قراءة تفسير الآيات التي حفظها.
9-الحذر من المعاصي،فمن آثارها نسيان العلم والحفظ،قال الضحاك: (ما تعلم أحد القرآن فنسيه إلا بذنب-ثم قرأ: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)-ثم قال: وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن).
10-أن يكون مقدار الحفظ قليلا،ليكون اثبت لحفظه.
* الوسائل أضافتها احدى الاخوات لأهميتها من كتاب/معالم في طريق طلب العلم للشيخ عبدالعزيز السدحان.